مناظير الاربعاء 25 سبتمبر، 2024
زهير السراج
[email protected]
* قبل ان اتحدث عن توقعاتي من زيارة البرهان لنيويورك، لا بد من توضيح بعض النقاط:
* اولا، الزيارة بروتوكولية بحتة لحضور إفتتاح الدورة (79 ) لاجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وهو أمر روتيني يتكرر سنويا للدول للأعضاء في الأمم المتحدة، حيث يأتي رئيس كل دولة أو من ينوب عنه ليدلي برأى دولته في بعض القضايا عبر خطاب موجه للجمعية العامة، وفي العادة يلتقي على هامش الزيارة بعض رؤساء الوفود أو المسؤولين الآخرين لمناقشة العلاقات الثنائية بين دولهم أو أية قضايا أخرى، ثم يعود الجميع الى بلادهم تصحبهم لعنات الشعوب على اهدار المال العام فيما لا ينفع ولا يفيد!
* ثانيا، جاء في بيان البرهان رداً على بيان الرئيس الامريكي قبل بضعة ايام والذي طالب فيه بوقف الحرب في السودان مدينا انتهاكات وجرائم القوات المسلحة وقوات الدعم السريع ضد المدنيين ..إلخ، “انه على استعداد للعمل مع جميع الشركاء الدوليين للتوصل إلى حل سلمي يخفف من معاناة الشعب ويضع السودان على الطريق نحو الأمن والاستقرار وسيادة القانون والتداول الديمقراطي للسلطة”، وهى أكذوبة كبرى ظل يرددها البرهان من وقت لآخر بغرض المناورة وكسب الوقت فقط، حسب التعليمات التي تصدر إليه، وذلك بغرض تمكين (الحركة اللا اسلامية) وعودتها للحكم مرة أخرى، وإلا لما أهدر عشرات الفرص التي واتته بالتفاوض مع الطرف الآخر وإيقاف الحرب والتوصل الى حل سلمي يخفف من معاناة الشعب ويضع السودان على الطريق نحو الأمن …إلخ، كما يزعم!
* الكيزان، كما ذكرت أكثر من مرة، لن يوافقوا على إنهاء الحرب إلا بعد أن يضمنوا وجودهم في المشهد السياسي السوداني بعد الحرب، أو ربما سيطرتهم عليه بشكل مطلق، إهتداءً، كما تسرب من بعض إجتماعاتهم في أسطنبول، بحركة طالبان في أفغانستان والحوثيين في اليمن الذين فرضوا أنفسهم كأمر واقع في بلادهم واعترفت بهم الكثير من الدول، ومَن لم تعترف بهم إضطرت للتعامل معهم، وهو أمر بعيد الحدوث في السودان لوجود فرق جوهري بين طالبان والحوثيين وبين الكيزان، وهو أن الكيزان حزب سياسي، كأى حزب آخر، يمكن أن يندثر في أي يوم من الأيام، بينما طالبان والحوثيون جزء لا يتجزأ من النسيج الإجتماعي في بلادهم لا يمكن استبعادهم من اية تسوية سياسية وإلا كانت تسوية ناقصة لن يكتب لها النجاح والاستمرار!
* ثالثا، ذكر البرهان في بيانه بأنه “يتطلع لتعميق المناقشات مع المسؤولين الأمريكيين خلال مشاركته في الجزء الرفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة” مما أوحى للكثيرين بأن زيارة البرهان ستشهد اجتماعات مع المسؤولين الأمريكيين وبالتحديد وزير الخارجية الأمريكي (أنتوني بيلنكن)، وأشاع روحا من التفاؤل في المزاج العام السوداني المكتئب بإمكانية قبول البرهان (الكيزان) للتفاوض مع قوات الدعم السريع، بل جزم البعض وفيهم محللون سياسيون بأن المفاوضات قادمة لا محالة وبنوا عليها احتمالات وآمال كبيرة، غير أنني وبعد البحث المكثف، لم أجد في موقع وزارة الخارجية الأمريكية والمواقع الرسمية الأخرى والمواقع الإعلامية الأمريكية الكبرى أى حديث أو إشارة عابرة عن لقاء سيجمع البرهان ووزير الخارجية الأمريكي أو أى مسؤول أمريكي آخر، كما جرت العادة في الاوساط الرسمية الامريكية بالاعلان المسبَّق عن جدول اعمالهم، إلا إذا كانت المناقشات التي ورد ذكرها في بيان البرهان ستدور مع مسؤولين امريكيين من الوزن الخفيف جدا (وأستبعد ذلك أيضا لعدم إعتراف الولايات المتحدة بوجود حكومة شرعية في السودان بعد انقلاب الخامس والعشرين من اكتوبر 2021 ، والدليل على ذلك تحاشي المبعوث الأمريكي المكلف توم بيرييلو، الاشارة الى مجلس السيادة أو الحكومة السودانية في دعوات التفاوض التي ظل يوجهها الى قائد الجيش، كما جرت جميع المحادثات الهاتفية السابقة بين وزير الخارجية الامريكي والبرهان بصفته كقائد للجيش)، كما أن البيان الرسمي لمجلس السيادة السوداني عن جدول زيارة رئيسه لنيويورك لم يتضمن أى لقاء مع مسؤولين أمريكيين، وعليه فإنني لا أتوقع أن يلتقي البرهان مع أى مسؤول أمريكي وكسر حالة الجمود في الحالة السودانية، وغالبا ما يكون البرهان قد قصد من الحديث عن تطلعه لتعميق المناقشات مع المسؤولين الامريكيين الايحاء للناس باعتراف الامريكان به، واصباغ الشرعية على نفسه كرئيس للدولة السودانية!
* الاجتماعات المعلنة والتي تمت (والتي لم تتم بعد) على هامش اجتماعات الجمعية العامة للامم المتحدة، شملت أو ستشمل الدول الأعضاء في مبادرة جنيف، ورؤساء الاتحادات الإقليمية وممثلي الامم المتحدة وهى تتعلق بالقضايا الانسانية وتوصيل الإغاثات فقط، أما موضوع التفاوض ووقف الحرب، فرغم أنني آمل مثل غيري أن يجد له مكانا في نيويورك، إلا أنني أستبعد ذلك!