بقلم:فاطمة لقاوة
في كُل حربٍ يشهدها السودان، تدفع المرأة الفاتورة الأكبر:نزوح، عُنف جنسي، فقد للمُعيل، ودِمُوع لا تنضب على الأبناء والأزواج والإخوة.
رغم ذلك، لا تزال كثيرات يختارن ــ بوعي أو بغيره ــ أن يتحولن من ضحايا إلى أدوات، من معاول للتعمير إلى أدوات للتدمير.
بيان سلمي جون الأخير، الذي أعلنت فيه إنحيازها للحرب ودعمها لعصابة بورتسودان، ليس مجرد موقف سياسي؛ بل صورة كاشفة لأزمة نسوية أعمق،حين تختار المرأة أن تهجر رسالتها الطبيعية في صناعةالسلام لتُصبِح بُوقًا في يد آلة الحرب.
على الجانب الآخر، خِطاب وكيلة النيابة أمام الأمم المتحدة لم يكن سوى محاولة مُتعثرة لتغطية عورات سُلطةٍ معزولة، فضحها الإرتجاف الصوتي بدل أن يحميها.
هنا تتجلى المعضلة: المرأة السودانية، وهي المتضررة الأولى من النزاعات، لم تكتفِ بكونها ضحية المجتمع، بل أحيانًا تظلم نفسها حين تضع توقيعها على عقود إذعان ضد ذاتها، لتصبح “كوبارس” في مسرحية سياسية وعسكرية عبثية.
هذا الإنحراف لا يوقف الدم، بل يشرعن إستمراره.
التاريخ يشهد أن المرأةالسودانية قادرة على فعلٍ مختلف،من فاطمة أحمد إبراهيم في ستينيات القرن الماضي، إلى ناشطات رفضن أن يكن مجرد صور رمزية، أثبتن أن إستعادة ا لدور لا تتم إلاَّ عبر الإستقلال الفكري والصِدق في الموقف. الصدق هنا ليس شعارًا أخلاقيًا، بل إستراتيجية عملية:
- صدق في الإنحياز لوقف نزيف الدم فعلًا لا قولًا.
- صدق في المطالبة بالعدالة بلا تبرير ولا تجميل.
- وصدق في بناء قيادة نسوية مُستقلة تخدم مصالح النساء الحقيقية لا أجندات الذكور المُسلحين والسياسيين.
إن اللحظة التي نعيشها اليوم هي مُفترق طرق حاسم”إما أن تختار المرأة أن تكون معول تعمير يكتب صفحة جديدة في تاريخ السودان، أو أن تبقى أداة تدمير تُستخدم وتُستهلك حتى الفناء”.
لا حياد في هذا الخيار،والمرأة التي تصدق مع نفسها أولًا، ستصدق مع وطنها، وتمنح السودان فُرصة أخيرة لوقف الدم وصناعة العدالة.
يبقى السؤال المتجدد:بين وهم القوة وصِدق الموقف،هل تختار النساء صِناعة السلام أم تبرير الدم؟.
ولنا عودة بإذن الله.
الجمعة،١٩سبتمبر/٢٠٢٥م