بقلم: فاطمة لقاوة
في خطوة تعكس نضجًا سياسيًا ووعيًا عميقًا بمسؤوليات المرحلة،أعلنت قوات الدعم السريع موافقتها على الهُدنة الإنسانية المُقترحة من قِبل دول الرباعية (الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، ومصر)، في موقف وطني وإنساني يعبر عن إرادة حقيقية لإنهاء معاناة الشعب السوداني،وتهيئة المناخ لحوار جاد يقود إلى سلام دائم وشامل.
هذه الموافقة لم تأتِ من موقع ضعف كما يحاول البعض تصويرها، بل جاءت من موقع القوة والمسؤولية، ومن إدراك القيادة في الدعم السريع أن الحرب مهما طال أمدها، فإن مآلاتها النهائية يجب أن تكون لصالح بناء دولة المؤسسات لا دولة المليشيات الحزبية التي زرعها النظام البائد.
منذ إندلاع الحرب،شاركت قوات الدعم السريع في كل جولات التفاوض السابقة بجديةوإنفتاحاوكانت مستعدة لتوقيع إتفاقات إنسانيةوسياسية متى ما وجدت إرادة مقابلة،غير أن كل المراقبين يشهدون أن وفد الجيش ظل العائق الأكبر أمام أي تقدم،
إذ تتحكم في قراراته مجموعات من بقايا النظام البائد التي ترى في إستمرار الحرب فرصة لإعادة إنتاج مشروعها الدموي القديم، تحت لافتة الدفاع عن الدولة.
السؤال الذي يطرح نفسه اليوم:ثم ماذا بعد موافقة الدعم السريع؟
هل سترضخ قيادة الجيش للضغوط الدولية والإقليمية وتقبل بالهدنة كخطوة نحو وقف العدائيات؟أم ستظل رهينة بيد الكيزان الذين يديرون المشهد من خلف الستار، مستفيدين من دعم مصري وتركي مكشوف في محاولة لإطالة أمد الحرب وإستنزاف البلاد؟
لقد أثبتت التجارب أن الجيش فقد قراره السيادي، وأصبح مجرد أداة في يد تيارات الإسلام السياسي التي تتغذى على الفوضى.
في المقابل نجد أن قيادة الدعم السريع، قد أظهرت أنها تملك الإرادة الحرة والشجاعة لإتخاذ القرار،وتتعامل مع المجتمع الدولي بشفافيةوإنفتاح، إدراكًا منها أن الحل العسكري وحده لا يبني دولة، ولا يعيد للسودان وحدته وإستقراره.
إن الهدنة الإنسانية ليست مجرد إستراحة مؤقتة، بل هي إختبار حقيقي لنيات الأطراف. الدعم السريع نجح في تجاوز هذا الإمتحان بإرسال رسالة واضحة:“نحن مع وقف الحرب، ومع السلام، ومع بناء دولة جديدة تعبر عن كل السودانيين.”
أما من يرفض الهدنة، أو يسعى لإفشالها، فهو في الحقيقة يرفض مستقبل السودان، ويصر على إبقاء البلاد رهينة في قبضة الكيزان، بين رصاص الداخل وتحريض الخارج.
إذا كانت الرباعية الدولية قد مدت يدها لإنقاذ السودان من هاوية الحرب، فإن الكرة الآن في ملعب قيادة الجيش:هل ستختار طريق السلام، أم ستواصل الدوران في فلك الكيزان ومغامراتهم المدمرة؟
ولنا عودة بإذن الله
الخميس،٦نوفمبر /٢٠٢٥م






