لعل الحدث الأبرز خلال الايام الماضية كان دون شك مراسم تشييع الشهيد الأمين محمد نور والذي قتل تحت وطأة التعذيب في أحد مقار جهاز المخابرات العامة في مدينة كسلا. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي عدد من مقاطع الفيديو والصور لمراسم التشييع التي شارك فيها عشرات الألاف من سكان مدينة كسلا، لكن مقطع فيديو مدته 1 دقيقة و 29 ثانية كان الأكثر تداولا وحصد مئات الألاف من المشاهدات على منصات التواصل الاجتماعي وعلى تطبيق التراسل الفوري “واتساب”. وتعتبر التظاهرات التي شهدتها كسلا في الأيام الماضية أوسع احتجاجات مدنية تنظم منذ اندلاع الحرب وسيادة لغة البندقية على لغة الهتاف التي أرستها ثورة ديسمبر المجيدة. ومن المؤكد أن مقتل الشهيد الأمين محمد نور قد وجد هذا الاهتمام الواسع بسبب عدد من العوامل:
أن الجهة التي اغتالت الشهيد الأمين محمد نور تحت التعذيب هي نفس الجهة التي اغتالت الشهيد أحمد الخير تحت التعذيب وفي نفس المدينة، كسلا؛
أن عدم معاقبة من يرتكبون مثل هذه الجرائم، ومن بينهم قتلة الشهيد أحمد الخير، يحفز على تكرارها في ظل الإفلات الكامل من العقاب؛
إعادة سلطة الاعتقال والتحري والتحقيق والحصانات لجهاز المخابرات العامة بعد اندلاع الحرب بعد أن كانت قد تم سحب هذه الصلاحيات من الجهاز بعد ثورة ديسمبر الأمر الذي يوفر غطاء قانوني للجرائم التي ترتكب؛
إطلاق يد الأجهزة الأمنية والمستنفرين وبمبرر الحرب في ارتكاب الجرائم ودون أي محاسبة بالرغم من البلاغات المفتوحة في الكثير من الحالات وتوثيق الكثير منها بالصورة والصوت، حيث تكتفي السلطات بتشكيل لجان تحقيق لدفن الحقيقة؛
البعد القبلي والجهوي في اغتيال الشهيد الأمين محمد نور والذي جاء بعد تصريحات مهينة ومسيئة صدرت قبل فترة من أحد كبار ضباط جهاز المخابرات العامة السابقين تجاه نفس المكون القبلي وعبر قناة تلفزيون السودان الحكومية.
ورغم محاولة بعض المنصات المؤيدة للجيش الترويج لفرية أن الشهيد الأمين محمد نور ضابط في قوات الدعم السريع، إلا أن ذلك لم يحل دون تضامن السودانيين والسودانيات بشكل واسع والمطالبة بتقديم الجناة لمحاكمة حقيقية وليس محاولة كسب الوقت بالإعلان عن تسليم المتهمين للنيابة ومن ثم إطلاق سراحهم بعد أن تهدأ العاصفة…. لا للحرب…