لندن: عادل إبراهيم مصطفي
تركيا تحمست للتعاون المشترك مع دولة المؤتمر الوطني في الميدان الاقتصادي والاستثماري ليس فقط بسبب عامل التقارب الأيديولوجي بين الحزبين الحاكمين، ولكن أيضا بسبب عوامل موضوعية أخرى. ولذلك كانت تركيا إحدى الدول التي أعلنت ترحيبها بخلع الرئيس عمر البشير.
انقلاب 25 أكتوبر:
عطل انقلاب 25 أكتوبر 2021 للمصالح الاقتصادية التي كان بإمكان السودان تحقيقها من تعاونه مع جمهورية تركيا، من المناسب الوقوف قليلا عند العلاقة التي ربطت بين دولة المؤتمر الوطني وتركيا. وذلك بحكم التقارب الأيديولوجي بينه وبين حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان. ولكن مع ذلك، لم تنعكس هذه العلاقة بقدر يذكر على التعاون في المجال الاقتصادي والاستثماري، وهو الذي أرادت له تركيا أن يرتفع إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية.
ضياع فرص الاستثمار بسبب الكيزان:
لم يستفيد السودان من خبرات تركيا وقدراتها في مجالات الزراعة والصناعة وتطوير البنى التحتية وبناء القدرات بحجم العلاقة بين البلدين على المستوى السياسي. المسؤول عن هذا القصور هو دولة حزب المؤتمر الوطني، التي لم تكن مسألة استفادة السودان اقتصاديا من تعاونه مع الدول الأخرى تعنيها بقدر ما كانت تعنيها الفوائد التي تجنيها القيادات على المستوى الشخصي من مشروعات التعاون مع الدول الأخرى.
نفاذ صبر تركيا:
أن الدولة التركية قد وصلت إلى درجة كبيرة من نفاد الصبر في أواخر أيام رئاسة عمر البشير، ما جعلها تخرج الهواء الساخن وتتهم دولة المؤتمر الوطني صراحة بعدم الجدية وعدم المسؤولية. جاء ذلك على لسان الرجل الثاني في الدولة التركية الدكتور فؤاد أكتاي، نائب رئيس الجمهورية السابق والمسؤول المكلف بإدارة العلاقات الاقتصادية مع السودان حينذاك.
ماذا قال اوتوكاي لمبعوث البشير:
ذلك حين لقائه وزير الحكم الاتحادي الأسبق حامد ممتاز، الذي زار تركيا في فبراير 2019 كمبعوث من قبل الرئيس المخلوع عمر البشير. نقل الدكتور أكتاي للمبعوث الرئاسي غضب واستياء تركيا وخيبة أملها جراء مماطلة حكومة السودان وعدم جديتها في تنفيذ الاتفاقيات الموقعة بين البلدين، وتنصلها من الوفاء بما التزمت به حين زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى السودان في ديسمبر 2017.
افريقيا استفادت من تركيا الا السودان:
استفادت بعض الدول الأفريقية، ليس من بينها السودان بكل أسف، من الاستثمارات التركية الضخمة. نذكر منها السنغال، التي تم تشييد مطارها الدولي الجديد بواسطة شركة “سوما” التركية بنظام التعاقدات المعروف باسم “B.O.T”، ثم الجارة إثيوبيا التي بلغ عدد الشركات التركية العاملة فيها بنهاية العام 2019 حوالي 200 شركة. كما بلغ إجمالي الاستثمارات التركية فيها في مختلف المجالات الصناعية ومجال الكهرباء حوالي ملياري دولار، بينما لم تتجاوز الاستثمارات التركية في السودان الـ500 مليون دولار بنهاية عام 2019.
مشروع مطار الخرطوم الجديد:
الاتفاق الذي أبرمته حكومة السودان في مارس – آذار 2018 مع شركة “سوما” التركية، إحدى كبريات الشركات المتخصصة في بناء المطارات على مستوى الشرق الأوسط، لتنفيذ مشروع مطار الخرطوم الدولي الجديد. ولكن بكل أسف، لم يتقدم المشروع قيد أنملة، ووضعت أمامه مجموعة من العراقيل بحيل وألاعيب لا يجيدها إلا أهل المؤتمر الوطني.
دولة الاستهتار اللامبالاة:
هنالك أمثلة عديدة لذلك الاستهتار وتلك اللامبالاة منها “اتفاق التعاون الثنائي والشراكة الإستراتيجية بين السودان وتركيا في المجال الزراعي”، والذي تم توقيعه في عام 2014. نص على التزام الجانب السوداني بتأجير أراض زراعية بمساحة 780 ألف هكتار للاستثمار التركي، وتأسيس شركة زراعية سودانية – تركية مشتركة للترويج للمشروع وسط المستثمرين وشركات القطاع الخاص التركية ذات الصلة. كما نص الاتفاق على نقل الخبرات والتكنولوجيا التركية في المجال الزراعي بشقيه النباتي والحيواني إلى المشروع. ومع ذلك، ظل الجانب السوداني يماطل في تخصيص الأرض ويتهرب من ملاحقة الجانب التركي لما يقارب الأربعة أعوام.