القارئ الكريم نحن اليوم نعيش على خطوة ميلاد آخر تماماً للدولة السودانية بكل ما تحمله معنى الكلمة لمن يعي السياسة، وقد ظهر ذلك بميلاد تحالف السودان التأسيسي “تأسيس” الذي عمل على تفكيك بنية الدولة السودانية المشوهة، وعندما نتحدث عن بنية الدولة المختلة بالضرورة نعني قصداً أن هذه الإشكالية أو المرض أصاب كل مفاصل الدولة وبنيتها الكلية أو بمعنى ءخر أننا نندرج ضمن المجتمعات التي لا تنفصل قضاياها السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها عن بعض بقدر ما تشكل بعضها تكاملاً دائرياً.
لذا عندما نريد تفكيك هذه البنية لا بد من البدء والإنطلاق من منصة التأسيس لدولة جديدة بكامل معناها، وهذا يتطلب شجاعة وجدية تجاوزا لكل الغبن التاريخي والمرارات أيقافاً لمنوالية الحروب والظلم والفساد، وهذا ذهب نحوه تحالف السودان التأسيسي الذي ناقش ووضع أسس لدولة سودانية من طراز مختلف تماما من كل تفاصيلها إبتداً من تغير نظرة العالم الخارجي للسودان الذي إتسم بدولة الإرهاب والتطرف وسوء العلاقات و….الخ.
هذا أيضا بجانب الآحادية الثقافية والتراتبية الإجتماعية التي صاحبت البلاد منذ تاريخ تشكل الدولة السودانية وذلك جهراً حتي في مظاهر سيادتها ونجد ذلك في العلم السوداني الذي يحمل مضامين القومية العربية تلخيصا لقصيدة صفي الدين الحلي”حُمرٌ مواضعنا وبيضٌ صنائعنا وخضرٌ مرابِعُنا وسودٌ وقائعنا” مجسدا بذلك أسوأ معاني الإختزال الآحادي للهوية والثقافة وكذلك تصاميم العملات ومعالم الأمكنة ومسمياتها مع حماية الظلم والإستبداد بالسلاح عبر الباطش والقامع الرئيسي (الجيش السوداني ) وهو الءخر قصة من الإقصاء والظلم والإنتهاك بمفرده لن يسع المجال هنا للغوص في تفاصيلها.
لذلك تشكيل الهيئة القيادية لحكومة تأسيس التي تعقبها الحكومة المولودة بأنيابها، تعد الخطوة هي الطريقة المثلى لتفكيك الوضعية المختلة غارساً خنجراً حاداً مسموماً في خاصرة السودان القديم وكابوسها الذي لازم الشعوب المهمشة والمقهورة وجميع مظاليم بلادي، وستجد هذه الحكومه كل السند والدعم الدولي والإقليمي لما تتميز بها عن حكومة بورتسودان من جميع النواحي والحنكة السياسية الظاهرة على مستوى الخطوات والخطابات وخاصة مع دول الجوار التي باتت تصف حكومة بورتسودان بالمتخبطة وغير المسؤولة لما تقوم به من مراهقة خطابية مع جيرانها وعدم الدبلوماسية، هذا بجانب الجرائم التي لا زالت ترتكبها بحق الشعوب السودانية وإستخدامها للأسلحة المحظورة دوليا وصناعتها لأزرع التطرف بكل أنواعها مما جعل منها مصدر إزعاج ومهدد عالمي وخطر على المنطقة.
وفوق كل ذلك قيامها بإعادة إنتاج النظام الإخواني الإسلاموي بإستقطاب كوادرها داخلها في تحالف مع مجموعة إنتهازيي المناطق المهمشة والمقهورة الذين إتخذو من قضايا شعوبها تجارة لهم ولكن آن الأوان لإقتلاع النبت الخبيث من جذوره وهذا قد حدث تأسيساً ولكل مظاليم بلادي أن يعلمو بأن موازين الكفة بإتجاه الحق قد رجح منذ اليوم، مما يجعلنا على أعلى معنويات إستقبالا للحلم الذي طال إنتظاره.