منذ فجر الاستقلال، ظل السودان يرزح تحت عبء نخبة سياسية لم تستطع أن ترتقي إلى مستوى تطلعات شعبه، بل كثيرًا ما وضعت مصالحها الضيقة فوق مصلحة الوطن. هذه النخبة، المتقلبة في مواقفها والمتصارعة على السلطة، كانت سببًا مباشرًا في كثير من أزمات البلاد: من الانقلابات العسكرية، إلى الحروب الأهلية، إلى الانقسامات الحزبية الحادة.
لقد تحوّلت السياسة السودانية، في أيدي هذه النخب، إلى ساحة لتصفية الحسابات ووسيلة للثراء السريع، بينما ظل المواطن العادي يدفع الثمن من قوته اليومي، ودمائه في الحروب، ومستقبل أجياله. لم يعد الانتماء للوطن معيارًا، بل غلبت الانتماءات القبلية والجهوية والمصالح الحزبية الضيقة، وهو ما أدى إلى تمزيق النسيج الاجتماعي وتفكيك الدولة.
خيانة النخبة السودانية للوطن لم تكن فقط في عجزها عن حماية وحدته وصون سيادته، بل في مساوماتها مع القوى الخارجية، وتقديمها التنازلات التي أضرت باستقلال القرار الوطني. في لحظات مصيرية، كان الشعب ينتظر قادة بمستوى التحديات، لكن النخبة اختارت إما الصمت، أو الارتماء في أحضان مصالحها الخاصة. ومع كل ذلك، يظل الأمل معقودًا على وعي الشعب السوداني الذي أثبت، عبر ثوراته وانتفاضاته، أنه أكبر من نخبه السياسية، وأكثر حرصًا على مستقبل وطنه. المطلوب اليوم هو مراجعة جذرية لدور النخبة، وإعادة تعريف السياسة باعتبارها مسؤولية وطنية وليست غنيمة شخصية.
إن خيانة النخب لا تلغي حقيقة أن السودان وطن يستحق من أبنائه التضحية والوفاء، وأن الخروج من دائرة الأزمات يبدأ من إنتاج نخبة جديدة: صادقة، مسؤولة، ومرتبطة فعليًا بقضايا الناس لا بمصالحها.
طائرات مسيرة تركية تقصف سوق “الزرق” في دارفور وتخلف عشرات الضحايا بين المدنيين
استهدفت طائرات مسيرة تركية، سوق "الزرق" بولاية شمال دارفور، مما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين مدنيين. وأفاد شهود عيان...