قال تحالف القوى المدنية المتحدة (قمم) الذي ولد بأسنانه في مؤتمر صحفي بالعاصمة اليوغندية كمبالا، ان القوى التي دمرت البلاد وأكثرت فيها الفساد هي ذات القوى التي صنعت الحرب وقطعت طريق الثورة والحرية والتأسيس لوطن تسوده العدالة والسلام. بعض المعلومات تتحدث ان التحالف قديم لكنه تطور ونضج بفعل التحولات السياسية التي يعيش فيها السودان اسوأ مرحلة في تاريخه، مرحلة الحرب التي افتعلها نظام دكتاتوري غاشم، جثم على المؤمنين ثلاثة عقود استبدادية تسلطية، ومازال يحاول العودة إلى السلطة عبر الدماء والدبابات والمسيرات، يبدو ان هذا التحالف قد إستفاد كثيراً من تجارب التحالفات السابقة، من خلال طرح رؤيته الاستراتيجية وبرنامجه السياسي بطريقة مختلفة، مختلفة عن تنسيقية (تقدم) التي تبنت مكونات الثورة ولم تتبنى فلسفتها وغاياتها النبيلة، اما الكتلة الديموقراطية المتحالفة شكلًا وموضوعا مع نظام الإسلاميين، فإن مصالحها تقتضي تزاوجاً سياسياً مع السلطة الكيزانية ولهم في ذلك أسوةً سيئة وشهور عسل.!
ان بروز القوى المدنية المتحدة في المشهد اربك حسابات التحالفات الأخرى لكونه يضم تشكيلات مهمة من الطيف السوداني قوامه 68 تنظيماً وفق البيان الصادر في كمبالا نهار 16 سبتمبر الجاري، الأهم في ذلك أن التحالف الجديد اتخذ موقفاً براغماتيا اعلن أنه امتداد طبيعي لبقية المبادرات المطروحة لإنهاء الحرب والتمسك بوحدة السودان أرضاً وشعبا، ولهذا ناشد الجيش والدعم السريع بضرورة الاستجابة الفورية لمطالب المجتمع الدولي الداعية لوقف إطلاق النار وحماية المدنيين.
وفي أول مؤتمر صحفي له استعرض الأمين العام لتحالف القوى المدنية المتحدة الدكتور ابراهيم زريبة أهداف التحالف ورؤيته السياسية لمعالجة جذور الأزمة المتعلقه بالتحول الديمقراطي وبناء دولة على أسس جديدة، زريبة من الشخصيات المعروفة في الأوساط السياسية، حيث شغل موقع كبير المفاوضين في اتفاقية سلام جوبا، ويمتلك من الخبرة والدراية ما يكفي للتعاطي مع قضايا الحرب والسلام في السودان، ومن الأهداف التي دشنها التحالف إمكانية إنهاء الحرب وبناء سلام دائم يؤسس لدولة ديمقراطية ونظام حكم مدني فدرالي، يعمل على مفهوم تأسيسي يطال أجهزة الدولة ونظمها الإدارية والقانونية بما يضمن توزيع الفرص بعدالة بين السودانيين، وهي فكرة تتطلب التسويق الجيد لمشروع وطني يعكس طموحات أهل السودان في بناء دولة جديدة وجيش مهني قومي ينأى عن السياسة والانحيازات الجهوية والعرقية، هذا الطرح يورق مضاجع القوى المركزية التي تعتقد ان هياكل الجيش الحالي يمثل مشروعها السياسي، ويؤمن وصولها إلى الحكم والهيمنة على موارد الدولة، وهي مخاوف باطلة سيحسمها الدستور الوطني عاجلا أم آجلا. ان تحالف قمم أشار ضمن أهدافه إلى المحاسبة وتقديم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وهي إشارات مرعبة جداً لمن يتشبسون بالسلطة لضمان الحماية والإفلات من العقاب. اعتقد أن التحالف الجديد طالب الأسرة الدولية بتوحيد المنابر والمبادرات المطروحة لحل الأزمة السودانية، وهي مطالب اخلاقية لا تصدر إلا عن قوى حريصه على وحدة السودان وسلامة أراضيه. عَلمتُ ان التنظيمات المكونه لقمم اختارت الاستاذ هارون مديخير رئيساً، مديخير من الشخصيات الثورية المرحلية، يناسب أوضاع الانتقال السياسي، والتعبير عن طموحات شباب الثورة الذين ملوا الأحزاب والألقاب المكررة، وباتوا يترقبون أسماء جديدة وطرائق تفكير تفضي إلى تغيير شامل. ومعروفا أن قادة القوى السياسية يعانون أزمة التواصل مع جيل المستقبل إلا في مواسم الاقتراع، ولهذا ظلوا عاجزين تماماً عن مّد جسور الثقه مع تيارات الشباب وملتقياتهم الثقافية والفكرية.!
اعترف تحالف قمم في بيانة الأول ان حرب 15 أبريل احدثت انقساماً اجتماعياً هائلاً وتشظي سياسي يستوجب الدعوة إلى الوحدة وبناء وطن خالي من أمراض العنصرية والجهوية، ولم يتردد التحالف في إدانة القصف الجوي على المجتمعات الآمنه في المدن والأرياف، واستهداف المزارعين والرعاة بشكل انتقائي لا مثيل له في تاريخ السودان، وان دل ذلك إنما يدل على نوايا قادة الجيش المسبقة في ارتكاب جرائم إبادة عرقية لمجموعات سكانية يزعمون أنها حواض اجتماعية لقوات الدعم السريع، وهي مزاعم باطلة حتى تثبت التحقيقات المستقلة أن هذا القصف تم بشكل ممنهج ووفق مسارات جهوية هدفها تعميق المعاناة وزيادة معدلات التشريد بين المواطنين في دارفور وكردفان على وجه التحديد.
د. خالد تارس