—————————————————-
بقلم عمار نجم الدين
تصريح يوسف عزت، المستشار السياسي السابق لقوات الدعم السريع، يثير عدة تساؤلات حول سياق التوقيت ودوافعه، خاصة في ظل انقطاعه عن التنظيم الذي كان جزءًا منه. عزت كان في يوم من الأيام من المدافعين عن الدعم السريع، بل لعب دورًا محوريًا في الخطاب السياسي للتنظيم خلال أوقات الحرب والسياسة. ومع ذلك، فإن خروجه وانتقاده للدعم السريع في هذه المرحلة يجعلنا نتساءل: هل يُعبر التصريح عن حقائق جديدة أم أنه مجرد انعكاس لإحباط نفسي نتيجة إقصائه من دائرة السلطة والنفوذ؟
توقيت التصريح وأثره على المصداقية
إذا كان عزت قد أدلى بهذا التصريح أثناء وجوده داخل التنظيم أو بعد استقالته بموقف واضح يعلن فيه رفضه لسياسات الدعم السريع، لكان حديثه حظي بمصداقية أعلى وربما وجد تفاعلاً أكثر جدية. ولكن في السياق الحالي، يبدو أن تصريحاته تأتي مدفوعة بشعور شخصي بالإقصاء أكثر من كونها محاولة لكشف الحقيقة. التوقيت يلعب دورًا هامًا في السياسة، والتأخر في كشف المواقف يجعلها تبدو كأنها تصفية حسابات شخصية، خاصة إذا ما أُخذ في الاعتبار أنه كان جزءًا لا يتجزأ من المنظومة التي ينتقدها الآن.
الدعم السريع والإسلاميين: حقيقة معروفة لا جدل فيها
ما أشار إليه عزت حول الوجود الإسلامي في قيادة الدعم السريع ليس جديدًا ولا خفيًا. الدعم السريع خرج من رحم المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية، وكان جزءًا من استراتيجية النظام السابق لخلق مليشيات موازية للقوات المسلحة. وجود شخصيات مثل حسبو محمد عبدالرحمن، نائب الرئيس السابق عمر البشير، ضمن صفوف الدعم السريع، يؤكد هذا الارتباط. كما أن الخطاب الشعبوي الذي يصدر عن الدعم السريع، والمُشبع بالنزعات العرقية والإسلاموية، يوضح هذا التوجه.
ومع ذلك، فإن ما قاله عزت حول إدارة الدعم السريع بواسطة عناصر الحركة الإسلامية، رغم صحته، لا يحمل أثرًا جديدًا على سمعة التنظيم. فالوجود الإسلامي في صفوف الدعم السريع معروف للعامة والنخب السياسية على حد سواء، مما يجعل التصريح غير ذي جدوى في تغيير الصورة العامة للتنظيم. لكن الأثر الأبرز لهذا التصريح يبدو أنه ينعكس على عزت نفسه.
الأبعاد النفسية لتصريح يوسف عزت
من الصعب تجاهل الأبعاد النفسية التي قد تكون وراء تصريح عزت. خروجه من دائرة النفوذ داخل الدعم السريع قد ولّد شعورًا بالإقصاء والغضب، وهو ما انعكس في تصريحه. ربما يرى عزت أن التنظيم الذي كان جزءًا منه قد خذله أو ألقى به جانبًا بعد أن أدى دوره. هذا الشعور بالخذلان قد يدفع الشخص لمحاولة انتقاد المنظومة التي كان جزءًا منها، ليس بالضرورة بدافع كشف الحقيقة، ولكن كرد فعل عاطفي يعبر عن إحباطه الشخصي.
تصريح عزت يمكن قراءته أيضًا كرسالة موجهة إلى دوائر أوسع، في محاولة لإعادة تموضعه سياسيًا أو إيجاد مساحة جديدة له في المشهد السياسي السوداني المتغير. مثل هذه التصريحات قد تكون جزءًا من استراتيجية لتقديم نفسه كبديل سياسي مستقل، خاصة إذا اعتبر أن انتماءه السابق للدعم السريع أصبح عبئًا على مستقبله السياسي.
تصريح عزت وتأثيره على الدعم السريع
من الواضح أن تصريح عزت لن يكون له تأثير كبير على الدعم السريع، لأن معظم ما قاله يُعد جزءًا من الحقائق المعروفة. الدعم السريع لا يخفي ارتباطه بالإسلاميين، بل إن هذا الارتباط كان جزءًا من بنيته الأساسية منذ إنشائه. ومع ذلك، فإن التصريح قد يُحدث ضجة إعلامية مؤقتة أو يثير ردود فعل بين النخب السياسية، لكنه لن يغير شيئًا في هيكل التنظيم أو صورته العامة.
الخلاصة
تصريح يوسف عزت يحمل دلالات أكثر عن حالته النفسية والسياسية الحالية من كونه كشفًا جديدًا عن الدعم السريع. التوقيت المتأخر للتصريح، وغياب استقالة واضحة منه عن التنظيم الذي ينتقده الآن، يقللان من مصداقية حديثه ويجعلان منه مجرد محاولة للعودة إلى دائرة الضوء. أما بالنسبة للدعم السريع، فإن ارتباطه بالحركة الإسلامية والإسلامويين ليس أمرًا خفيًا أو مستغربًا، بل هو حقيقة راسخة لا تحتاج إلى تصريحات إضافية لإثباتها. السؤال الحقيقي هنا ليس في تأثير تصريح عزت على الدعم السريع، بل في الخطوة التالية له سياسيًا، وكيف سيعيد صياغة دوره في المشهد السوداني الذي يشهد تغيرات سريعة ومعقدة.