زهير عثمان
[email protected]
يُلقي اللقاء الأخير بين قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان ومبعوث الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب في جنيف بظلاله الثقيلة على المشهد السياسي السوداني المعقد، ويفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات مقلقة
حول مستقبل الرؤية الأمريكية تجاه السودان. ففي خضم الحرب الأهلية التي حوّلت البلاد إلى كارثة إنسانية وأفرغت مؤسسات الدولة من معناها، يبرز هذا اللقاء كحلقة جديدة في سلسلة المناورات التي قد تعيد رسم خريطة السلطة
والنفوذ في البلاد، بعيداً عن تطلعات الشعب السوداني للسلام والديمقراطية.
الفرضية التي تتردد في كواليس السياسة السودانية هي أن واشنطن، عبر مبعوث ترامب، تستغل ورطة البرهان العسكرية والسياسية لفرض رؤيتها الخاصة. فالبرهان، الذي يواجه هزائم متلاحقة وتآكل شرعيته داخليًا وخارجيًا
أصبح في أضعف حالاته التفاوضية. هذه اللحظة تمثل فرصة ذهبية للولايات المتحدة للمساومة: بقاؤك على رأس ما تبقى من السلطة مقابل مرونتك في ملفات الأقاليم والنزاعات الداخلية.
تتركز الأنظار على دارفور والمنطقتين (جنوب كردفان والنيل الأزرق)، حيث تشير التقديرات إلى أن الخطة الأمريكية قد تتضمن منح هذه المناطق وضعًا خاصًا من الحكم الذاتي أو حتى مسارًا نحو تقرير المصير تحت غطاء
“حل النزاع”.
في المقابل، يُسمح للبرهان بالبقاء رئيسًا على دولة مركزية منهكة، محاطة بمراكز قوى إقليمية مستقلة نسبيًا.
هذه الصفقة، إذا ما تمت، لن تكون حلًا للأزمة السودانية، بل خطوة نحو تثبيت واقع الانقسام الجغرافي والسياسي، وتحويل السودان إلى “دولة أنقاض” تُدار بتوازنات خارجية ومصالح إقليمية ودولية، بينما يتبخر مشروع
الدولة الوطنية الحديثة من جذوره.
نهج ترامب معروف: صفقات مباشرة، مصالح آنية، براغماتية بلا غطاء أخلاقي.
في عهده، تُقاس قيمة الدول بمدى قدرتها على خدمة الأجندة الأمريكية في مواجهة منافسين مثل روسيا والصين وإيران، لا بمدى التزامها بالديمقراطية أو العدالة الاجتماعية.
السودان، في هذه المعادلة، مجرد ورقة في لعبة أوسع، وليس هدفًا بحد ذاته.
قبول البرهان بمثل هذه الصفقة سيكون خيانة مضاعفة: خيانة لدماء السودانيين التي سالت دفاعًا عن وطن موحد، وخيانة لمستقبل أجيال تبحث عن دولة المواطنة لا كانتونات الطوائف والمليشيات.
ما يجري الآن ليس تفاوضًا على إنهاء الحرب، بل مقايضة على هوية السودان وحدوده.
إن مهمة القوى المدنية والمثقفين الجادين في هذه اللحظة ليست مراقبة المشهد من بعيد، بل فضح هذه الترتيبات وكسر صمت الصفقات المغلقة.
فالسودان إذا قُسم الآن، لن يُعاد توحيده بسهولة، وسيبقى لعقود رهينة لتوازنات خارجية تستثمر في ضعفه بدلًا من دعمه.
تجنيد الأطفال معركة الكرامة المزعومة مابين تركيا وأبوقعود والجلابة وعرب ظوط
بقلم/ فضل السيد مأمون الحمري شغلت ابواق الحركة الاسلامية والمسيطرة على مقاليد السلطة فى السودان عقب انقلاب 25 اكتوبر فى...