مُعظم القادة العسكريين الذين خاضوا معارك أحدثت تحولاً تاريخياً عظيماً سجله التاريخ إمتازوا بِقِلة الكلام،وسُجلت خطاباتهم ورسائلهم وأصبحت دِّروس تُدرس في أضابير المعاهد والجامعات التي تهتم بالإستراتيجية عامة، والخُطط العسكرية بصفة خاصة.
في الحرب العالمية الثانية عندما خدم الحَظ القائد “مونتِغمري”،وإحترقت طائرة القائد “جوت”،تولى مونتي قيادة جيش الحُلفا في القاهرة،بينما كان “روميل”،الملقب ب ثعلب الصحراء يتقدم جيش دول المحور.
كانت توجيهات مونتي مُختصرة ،وتعليماته واضحة لجنوده وخُططه ناجحة ،لدرجة أنه كان يغط في نومِ عميقاً لحظة هجوم جيش روميل في معركة (علم حلفا)،فجاء إحدى قادت “مونتي” الميدانيين ليخبره بأنهم قاموا بصد هجوم جيش” روميل “،فقال مونتي:”هل المعركة سارت وفق الخُطة؟” أجابه القائد الميداني:نعم،فخاطبه مونتي:إذاً لماذا الإزعاج طلما الإمور تسير وفق الخطة!ثم عاود مونتي نومه،و عبر الخُطط المدروسة بعناية ومنهجية إستطاع هزيمة جيش المحور في معركة (العلمين)الشهيرة ،حيث قتل”روميل”وإنتهت إسطورة ثعلب الصحراء،وانتصر معسكر الحُلفاء على معسكر المحور في الحرب العالمية الثانية
وفي معركة اليرموك الشهيرة التي إنتهت بإنتصار المسلمين وهزيمة الروم ،إستطاع القائد خالد بن الوليد تحقيق النصر دون ضجيج وكانت خُطته في تبادل القيادة بين القادة ناجحة وتولى هو قيادة يوم اليرموك فكان التحول التاريخي العظيم للدولة الإسلامية.
كانت معركة شيكان الشهيرة عنوان للتحول التاريخ الفاصل في السودان ووضعت اللبنة الأولى للدولة المهدية.
الشاهد في حرب ١٥أبريل اللعينة،أن عصابة الكيزان وثُلاثيهم المهزوم -(البرهان،كباشي،العطا)،بدأوا حربهم بالتحشيد الكلامي،والمظهرات المدفوعة الأجر والميسر لها الطريق نحو القصر ،وإفطارات جماعية ذات خُطب تؤجج نيران الحرب،لكنهم فشلوا و هربوا في الساعات الأولى للحرب، و ولوا الأدبار ،وبدأوا الإنتقام والغدر بالعُزل في معسكرات التفويج ،ومن ثم الإنتقام من الشعب السوداني فأطلقوا المجرمين من السجون بشهادة وزير الداخلية الذي أعترف بذلك،ومازال طيران البرهان وعصابته يقتل الأهالي والأبرياء،بينما هم وجنودهم وضباطهم وضباط صفهم،ما بين هارب من المعارك نحو بورتسودان،أو أسرى عند قوات الدعم السريع يًسألوا عن المعاملة كيف؟!ويرسلوا رسائل تُطمئن أهلهم.
الشعب السوداني أصبح لا يكترث لتصريحات ياسر العطا التي تُبين عجزه وهروب قائده البرهان من الميدان،بل تظهر في حديث العطا كافة مؤشرات الجرائم التي ظل يرتكبها عصابة الكيزان ،ويتضح صلف المتدثرين بثوب العسكرية من أجل إتهاضهم للشعب السوداني والتنكيل به.
بعيداً عن محاولات العطا في إظهار التماسك أمام الجنود المغلوبين على أمرهم الواقفين أمامه في مقر الفرقة الثالثة شندي،هناك تناقضات صاحبت هرطقات العطا تؤكد عبثية المحرقة التي يكتوي بنارها أبناء الغُبش من الشعب السوداني،بينما تُجار الحرب في بورتسودان يعيشون في نعيم لا يهتموا لمعاناة السودانيين ولا يفجعون بموت الشباب.
العطا الذي ما زال حديث تمجيدة لقوات الدعم السريع موثق على القنوات ،يأتي اليوم محاولاً إجترار عواطف السودانيين بالكذب والضلال ليصف ذات القوات التي تغزل فيها بالأمس ويقول عليهم اليوم أجانب ظناً منه بأن الشعب السوداني ذاكرته سمكية!،وما زال العطا يوهم من هم امامه أو يوهم نفسه بالنصر الذي ظل يردده من قبل حينما حلف أمام الملأ بأن العيد في” مدني”!ولكنه عيد متخفي بين حيطان يُرسل منها حديث مُسجل هزيلاً وهو ينظر يُمنة ويُسرة ترتجف أطرافه من الخوف،فلماذا يقوم العطا بإعادة ذات الحديث الكذوب؟!.
منذ اللحظات الأولى لحرب ١٥أبريل التي إستطاعت فيها قوات الدعم السريع صد الهجوم الغادر عليها في المدينة الرياضية،ثم إلتقطت قوات الدعم السريع انفاسها بعد التدمير المفاجئ لكافة مقراتها ،ومن ثم رتبت صفوفها لتتغير الخطة الدفاعية لخطة هجومية،حققت من خلالها السيطرة على معظم المواقع الإستراتيجية داخل الخرطوم ومن ثم تحرير عدد مهول من الفِرق العسكرية والمدن،وخرج البرهان ومن معه من مُشعلي الحرب مهرولين نحو بورتسودان،ليشتروا مرتزقة الحركات -(جبريل،مناوي،عقار،تمبور)-الذين ظهروا على حقيقتهم وجشعهم من أجل السُلطة والمال،وقدموا قواتهم أبناء الغلابة وقوداً من أجل إعادة الإسلاموويين أعداء الأمس،للسُلطة اليوم،ولا يهمهم حرق الطيران لأهل دارفور طالما هم يتمتعون بالمال والسلطة بجانب أسيادهم في بورتسودان.
الحقيقة التي يخشاها الكثيرين :لم يعد للجيش عقيدة قتالية،وأن عصابة الكيزان تتسيطر على قرار الحرب،وما العطا إلاَّ بوق يُردد ما يُملأ عليه من قول وينفذ مخطط الكيزان وتحقيق شعارهم (أو ترق كل الدماء).
ألم يسأل العطا نفسه قبل الحديث للملأ !ما هي المقومات التي يمتلكها والتي في إمكانها تحقيق النصر له؟!،حتى لا يكون مندرة للضحك!!.
صدق الجنرال محمد حمدان دقلو حين قال “يا ياسر !الكلام دا ترا حرب ما كلام كاسات ساكت”،والحرب تحسمها الخُطط المحكمة من القادة دون ضجيج ،والقتال يحتاج لشجاعة بشقيها،وهذا ما ينقص كاسات والهاربين في بورتسودان.
ولنا عودة بإذن الله.
فاطمة لقاوة
الخميس،١٢سبتمبر/٢٠٢٤م