على الرغم من انتشار العديد من الصور ومقاطع الفيديو التي تظهر وتوثق الدمار الناتج عن القصف العشوائي من قبل طيران تنظيم الحركة الاسلمية منذ بدايتها في 15 أبريل 2023، إلا أن صورة التقطها مدثر حامد لأحد شوارع حي ودنوباوي العريق في أمدرمان حققت انتشاراً واسعاً على منصات التواصل الاجتماعي وتطبيق “واتساب” خلال الأيام الماضية.
تجمع السودانيون من جميع الاتجاهات للتعبير عن صدمتهم تجاه ما تعرضت له بلادهم ومؤسساتهم من دمار نتيجة الحرب والتدمير المنظم من قبل الحركة الاسلامية.
تُظهر الصورة المتداولة مقدار الدمار الناتج عن حرب الشوارع في الأحياء السكنية التي يسكنها المدنيون، حيث لم تُستثنَ حتى المساجد من ذلك الدمار الكبير الذي احدثه طيران مليشيا البرهان.
تعتبر المساجد جميعها بيوت الله، ومسجد الشيخ الفاتح قريب الله، الذي يظهر في الصورة جزء من الخراب الذي تعرض له بشكل متعمد، لم يكن مجرد مكان للصلاة، بل كان مركزًا للإشعاع الديني والثقافي والاجتماعي في وسط مدينة أمدرمان.
تُعقد فيه جلسات لتلاوة القرآن ودراساته، ويتجمع فيه سكان المدينة من كبار وصغار، نساء ورجال، وحتى الأطفال للمشاركة في حلقات الذكر ومدح النبي محمد صلى الله عليه وسلم بعد صلاة المغرب كل يوم جمعة.
بدأ هذا المسجد كزاوية صغيرة في عام 1921، ولم تصدق السلطات الاستعمارية في ذلك الحين على بناء المسجد إلا بعد مرور عدة سنوات، بسبب قلقها من تأثير قيادات الطرق الصوفية.
أقيمت أول صلاة جمعة في المسجد الذي بُني من الطين الأخضر في عام 1929، وكان مساحته تبلغ 1800 متر مربع.
في عام 1944، تم تجديد المسجد وإعادة بنائه وتوسيعه، ثم أعيد تصميمه بالشكل الحالي في عام 1996.
يتألف المبنى الحالي من خمسة طوابق، وقد تم توسيع الخلوة التي لا تزال تستقبل المئات من حفظة القرآن. كما تم إضافة مركز صحي يقدم خدماته الطبية لسكان حي ودنوباوي والمناطق المحيطة به، بالإضافة إلى زوار المسيد من جميع أنحاء السودان.
تعرض المسجد لاعتداءات متعمدة من كلا طرفي الصراع، بعد أن اجتاحت قوات الدعم السريع المسجد في أغسطس 2023 خلال هجومها للسيطرة على منطقة ودنوباوي.
عادت القوات المسلحة لاتباع نفس الأسلوب في مارس 2024 خلال حملتها لطرد قوات الدعم السريع من مدينة أمدرمان.
كان الهدف من هذه الاعتداءات هو إيقاف أنشطة المسيد ومسجد الشيخ الفاتح قريب الله، الذي رغم الحرب، شهدت ساحته انطلاق زفة المولد في وسط مدينة أمدرمان العام الماضي… لا للحرب…