علي أحمد
وصف محمد السر مساعد، القيادي بحزب المؤتمر الوطني المخلوع، قائد الجيش عبد الفتاح البرهان بأنه “أفشل رئيس مرّ على السودان وأجبن وأخيب قائد في تاريخ الجيش السوداني”. واعترف مساعد في مقابلة مصوّرة بأن ما يُسمى بـ”المقاومة الشعبية” ليست سوى قوات الدفاع الشعبي الإخوانية الإرهابية، التي تم حلها مع سقوط نظام البشير. كما كشف أن كتائب الحركة الإسلامية هي التي تقاتل بجانب الجيش في الحرب الراهنة، وتتكون من أفراد الكتائب الإسلامية ومليشيا الدفاع الشعبي، وهم الذين حرروا أم درمان حسب قوله، بينما لم يقاتل الجيش المتواجد في قاعدتي كَرْرِي ووادي سيدنا العسكريتين بأم درمان. وأكد أن الذين خاضوا معارك “تحرير أم درمان” هم الكتائب والمليشيات التابعة للحركة الإسلامية، وأن ظهور ياسر العطا، مساعد قائد الجيش، مُهللًا بعد المعارك لا قيمة له، لأن جيشه لم يشارك في القتال.
من جهته، اعترف الإرهابي والقائد في مليشيات الحركة الإسلامية، الناجي عبد الله، في خطاب جماهيري بمدينة كسلا (شرق السودان)، أن جماعته كانت الوحيدة التي رفضت الاتفاق الإطاري، وحشدت ضده. كما أعلن صراحة أن مليشياتها أطلقت أول رصاصة على قوات الدعم السريع في المدينة الرياضية، وأشعلت الحرب. وأكد أن هذه المليشيات هي التي تخوض القتال الآن وليس الجيش، وأنها لن تتوقف عن القتال أبدًا، ولا تخشى الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية.
الاعتراف الأكثر أهمية في هذا السياق جاء من نائب قائد الجيش، الفريق أول شمس الدين الكباشي، في مقطع فيديو بثته قناة العربية، حيث أقر بأن “المجاهدين والكتائب الاستراتيجية” – وهي كتائب الظل التابعة للحركة الإسلامية، وعلى رأسها كتيبة الفرقان وكتيبة المنتصر بالله وكتيبة البراء بن مالك – (مشكورة تقاتل بجانب الجيش).
أعقب ذلك ظهور البرهان ومساعده ياسر العطا في أم درمان أمس الأول، حيث تفقدا كتيبة البراء بن مالك برفقة قائدها المصباح أبو زيد طلحة، وسط شعارات وأناشيد جهادية حماسية. وكان معظم مقاتلي الكتيبة يعصبون جباههم بأعلام وشعارات حزب الله اللبناني.
كل هذه المعطيات تؤكد المؤكد – بما لا يدع مجالًا للشك- أن الحرب الحالية هي حرب جماعة الإخوان المسلمين وحركتها الإسلامية وحزبها المؤتمر الوطني المخلوع، وأن الجيش الحالي مسيطرًا عليه تمامًا من قِبلهم.
وأن قادة الجيش الحاليون مجرد دمى تتحرك بإرادة هذه الجماعة، وهم عاجزون تمامًا عن اتخاذ أي قرار أو فعل خارج إرادتها.
ليس هذا فحسب، بل أصبح الجيش السوداني مجرد مليشيا تتبع للحركة الإسلامية، شأنه شأن كتائب البراء بن مالك، والمنتصر بالله، والعمل الخاص، والاستراتيجية، وقادة هذه المليشيات هم من يديرون الحرب ويفرضون إرادتهم على الجيش، ويهيمنون على قراراته تمامًا. بل إنهم يشكلون فرق حماية لقادة الجيش، ويمكنهم التخلص منهم في أي وقت.
إنها حرب الإسلاميين ضد الشعب السوداني، وضد مبادئ ثورة الشعب 2018- 2019 التي أطاحت بحكمهم. وها هم قادة الإسلاميين أمثال الناجي عبد الله، الناجي مصطفى، المصباح أبو زيد، ومحمد السر مساعد يعلنون ذلك دون مواربة. ويبدو واضحًا أن قادة الجيش، بدءًا من الكباشي وياسر العطا، قد أُجبروا على تسجيل اعترافات علنية أمام وسائل الإعلام بأن من يدير الحرب هي المليشيات الجهادية الإسلامية، وليس القوات المسلحة السودانية. وقد أقر كل من البرهان والكباشي بذلك، ما يعني أن قيادة الجيش تعترف صراحة بأنها تتبع الحركة الإسلامية وتخوض هذه الحرب بناءً على توجيهاتها لاستعادة السلطة.
من المؤسف جدًا أن يتحول الجيش السوداني، الذي يقترب عمره من مائة عام منذ تأسيسه في الحقبة الاستعمارية عام 1925، إلى مجرد مليشيا تخضع لتنظيم سياسي مسلح، يشن من خلاله حربًا تدمر مقدرات البلاد وتشرد وتجوع الملايين من الشعب السوداني، ويعلن ذلك دون تردد، بينما يقف العالم متفرجًا، دون أن يحرك ساكنًا. للأسف، لا أحد يهب لإنقاذ الشعب السوداني من براثن الإرهابيين والمتطرفين.