بقلم: فاطمة لقاوة
لا يحتاج المُتابع الحصيف لكثير عناء ليدرك أن عصابة بورتسودان،و قد ضاقت بها السبل بعد أن حاصرتها أزماتها، قررت أن تدفع بآخر أوراقها في مسرح العمليات بكردفان.
وصول شمس الدين كباشي إلى الأبيض ليس شرفاً عسكرياً كما يحاولون تصويره، بل مجرد مغامرة يائسة لعصابة فقدت بوصلتها، وتبحث عن التخلص من رجل كان بالأمس جزءاً من مشروعها.
إختيار وزير دفاع من أبناء جنوب كردفان – من أبناء النوبة تحديداً – ليس بريئاً،بل هو دليل على أن هناك نية مبيتة لإستخدام أبناء
النوبة البُسطاء وقوداً لحرب عبثية، وإعادة إنتاج ذات السياسات التي إتبعتها حكومات المركز المتعاقبة: إغراق الهامش في الدماء، بينما ينعم أبناؤهم في الخارج بالأمان والرفاه.
كباشي، الذي كان في التسعينيات شاهداً على إنكسار كبرياء المركز أمام صلابة الحركة الشعبية في جبال النوبة، يعود اليوم وهو شيخ مُتعب مريضاً-(شفاه الله)-ليقف في ذات البوابة، لكن هذه المرة كأداة خانعة تنفذ أوامر ساسة بورتسودان.
هل يظن أنه سيكون الإستثناء في سجل طويل من رجالات المركز الذين إبتلعتهم رمال كردفان؟ أم أن قدره حتم عليه أن ينتهي كورقة محروقة تخلت عنها العصابة بعد أن إستنفدت أغراضها لُيدفن في كردفان؟
المؤامرة واضحة: دفع كباشي إلى مواجهة مستحيلة مع قوات “تأسيس” التي تجمع الحلو والدعم السريع وحركات الكفاح المسلح الأخرى، مع تضخيم خطاب قبلي يستهدف تمزيق النسيج الإجتماعي في كردفان.
نحن نعلم أن أهل الإقليم يعرفون جيداً بأن دماءهم ليست وقوداً لبقاء سُلطة فاسدة، وأن من خان أهله لا مُستقبل له بينهم.
فقد تكسرت مجاديف الطُغاة مِراراً عند بوابة كردفان العِز والبطولات، ولن يكون الأركوز كباشي إستثناءً.
التاريخ لا يرحم من يبيع أرضه وأهله في سوق السياسة،
وسيكتشف قريباً أن الذين دفعوا به إلى الميدان لم يفعلوا ذلك حُباً فيه، بل رغبة في التخلص منه، حتى يخلو الطريق لِخُلفاء جُدد للبرهان.
أبناء كردفان، الذين جُبلوا على الصمود، لن يكونوا أبداً وقوداً لحرب عبثية تُدار من قصور بورتسودان بأيادي عصابة أبناءها في الخارج يتنعمون.
ولنا عودة بإذن الله
السبت،٦سبتمبر/٢٠٢٥م