في مقال سياسي تناول فيه تطورات الأزمة السودانية، كتب رئيس حزب المؤتمر السوداني عمر الدقير أن البيان الأخير الصادر عن المجموعة الرباعية أثار اهتماماً واسعاً لما تضمنه من مبادئ ومقترحات، أبرزها الدعوة إلى هدنة إنسانية تمتد لثلاثة أشهر، تهدف إلى التمهيد لوقف دائم لإطلاق النار، وفتح الطريق أمام عملية انتقالية تقود إلى حكم مدني شامل. وأشار إلى أن هذا الطرح حظي بدعم إقليمي ودولي كبير، كما لقي ترحيباً داخلياً من عدد من الأحزاب السياسية والكتل المدنية، في مقابل رفض واضح من الحركة الإسلامية وحزب المؤتمر الوطني، ما يعكس تباين المواقف تجاه مسار التسوية المقترح.
ضرورة إنسانية
واعتبر الدقير أن الهدنة المقترحة ليست مجرد خطوة سياسية، بل تمثل ضرورة إنسانية عاجلة لوقف سلسلة المآسي التي يعيشها المدنيون في السودان. فبينما تستمر آلة الحرب في قصف الأحياء السكنية، تتفشى الأوبئة وتحصد الأرواح، ويواجه الملايين صعوبات بالغة في الحصول على الغذاء، وسط انهيار شبه كامل في الخدمات الأساسية من صحة وتعليم وكهرباء ومياه. واستحضر في هذا السياق حادثة مأساوية وقعت قبل أيام، حين قضى عدد من الشباب السودانيين غرقاً في البحر الأبيض المتوسط أثناء محاولتهم اللجوء إلى أوروبا، هرباً من واقع دموي حوّل الوطن إلى جحيم لا يُطاق، ولم يترك لأهله مأوى سوى القبور، حتى لو كانت في أعماق البحر.
مدخل سياسي
وأوضح الدقير أن الهدنة، إلى جانب كونها مطلباً إنسانياً، تُعد خطوة ضرورية لتهيئة المناخ المناسب لانطلاق عملية سياسية توافقية، لا يمكن أن تكتسب شرعيتها أو فعاليتها إلا إذا كانت نابعة من إرادة سودانية خالصة. وفي هذا السياق، رحّب بالدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأفريقي ومنظمة الإيغاد وغيرهما من الجهات الإقليمية والدولية في تسهيل هذه العملية، لكنه انتقد الدعوات التي وُجهت إلى عدد من الأحزاب والكتل المدنية لعقد اجتماع بمقر الاتحاد الأفريقي مطلع الشهر المقبل، قائلاً إن تحديد الأجندة والأطراف مسبقاً لا يشكل مدخلاً سليمًا لإنجاح المسار السياسي. وشدد على أن نجاح أي عملية سياسية مرهون بامتلاك السودانيين لها، وقيادتهم لتفاصيلها، بما في ذلك توقيتاتها ومحاورها وأطرافها، عبر التشاور الداخلي لا عبر وصفات جاهزة تُفرض من الخارج.
نداء الضمير
وفي ختام مقاله، عبّر عمر الدقير عن أمله في أن تجد دعوة الهدنة الإنسانية طريقها إلى التنفيذ بسرعة وجدية ومصداقية، رأفةً بالمرضى والجوعى والمشردين وكل المنكوبين الذين يدفعون ثمن الحرب يومياً. وأكد أن هذه الخطوة تمثل تمهيداً ضرورياً لمسار الحل السياسي العادل والشامل، الذي يُعيد للسودان استقراره ويضع حدًا لمعاناة شعبه، داعياً إلى الاستجابة لنداء الضمير الإنساني في لحظة فارقة من تاريخ البلاد.