ابراهيم مطر
“كان البرهان يتزعم حزب المؤتمر الوطني في محلية نيرتتي بولاية وسط دارفور، إبان توليه منصب المعتمد فيها”، قال القيادي الإخواني “أمين حسن عمر” مطلع العام “2022”، في تصريحات صحفية لم يتوقف عندها الناس كثيراً، ولم يلقوا لها بالاً، على الرغم من خطورتها وعظم ما يمكن استنتاجه عن شخصية الرجل، بل وقلل البعض من شأنها حينما اختزلوا تصريحات القيادي في الحزب المحلول، في كونها محض مكايدة سياسية إخوانية، كعادة الإخوان حينما يعيرون الناس بالانتماء لحزبهم الذي عافه الجميع.
ولما كان البرهان قائداً عسكرياً وزعيماً حزبياً في دارفور إبان مجازر الإبادة الجماعية في الإقليم، فقد كان من الضروري أن يصيب شيئاً من دم الضحايا الذين بلغ عددهم الثلاثمائة ألف في تقارير أممية، وراج عنه قوله عن نفسه أنه “رب الفور”، في إشارة إلى أنه صاحب الأمر والنهي في حياتهم. إن شاء أزهقها، وإن شاء أبقى عليها، كونه – بالضرورة – لم يكن يعتقد أنه يستطيع جلب للمطر مثلاً، أو زيادة الأرزاق، بل هو القتل ما يجعله إلهاً ، حينما لم يجد من قتلهم وازعاً ولا رادع.
وعلى ذلك يمكن لصاحب البصيرة أن يتخيل ما جرالبرهان على هؤلاء الناس من ويلات عليهم وعلى نسائهم وأطفالهم وشرائحهم الأضعف في ذلك الزمان المظلم والبئيس، ويستطيع صاحب البصيرة كذلك أن يكون فكرة معقولة، عما كان عليه تعامله معهم، وهو ينظر إلي سيئي الحظ هؤلاء على أنهم عبيده، وإن لم يقيموا له الطقوس والقرابين.
لكن الفيديو الذي انتشر اليوم الأحد للسيدة الدارفورية “حليمة صديق محمد نور” كشفت عن اغتصاب البرهان المتكرر لها بعد تخويفها بالقتل، يكشف جانباً آخر من تعاطي البرهان مع المواطنين، في المحلية التي تصادف أنه كان يشغل منصب المعتمد فيها بأمر البشير، ويشغل منصب الإله فيها “حسب اعتقاده”، قبل أن يكافئه المعزول “البشير” على جرائمه، بترقيته من رتبة الفريق إلى الفريق أول، وتنصيبه مفتشاً عاماً للجيش في العام 2019.
قالت “حليمة” في الفيديو أن البرهان اغتصبها عدة مرات أثناء عملها معه في تأدية مهام منزلية، وأنها بعد تكرار الحادثة لاحظت خالتها التي تسكن معها تغييراً عليها، وعندما ألحت عليها في السؤال أخبرتها بما جرى، فما كان من خالتها إلا أن استفسرت البرهان عما حدث، مما أغضبه غضباً شديداً، واستنكر أن تسأله خالتها عما اقترفت يداه من جرائم.
وأضافت:”لم يكن هناك من يمكن أن نشكو البرهان إليه، فقد كان هو معتمد المحلية، والقائد العسكري المتحكم فيها”.
ومضت السيدة للقول أن عدداً من المنسوبين للجيش ترددوا بكثرة على بيت خالتها يسألون عنها، وأوضحت:”لما كانت خالتي تبيع الطعام، فقد اعتقدنا أن من يسألون عنها هم من زبائنها الذين اعتادوا على شراء الطعام منها، لكنا فوجئنا بها جثة هامدة ملقية على باب الدار في مساء اليوم، ولم نستطع أن نفعل سوى دفنها والنواح، وهربت من فوري إلى منطقة تابعة لـ”سرف عمرة”، حيث وضعت طفلي الذي مات غرقاً في وقت لاحق، نتيجة للفيضانات والسيول”.
وقالت:” البرهان ضيع شبابي وعمري، وأنا أطالب بحقي في الاقتصاص منه، وجعله يدفع ثمن تدمير حياتي”.
يظهر فيديو السيدة ما أختفته المسافة وعدم توافر وسائط التواصل وعزلة المنطقة عن السودان والعالم في ذلك الزمن، لتشير إلى عدد غير محدود من الضحايا لم تتح لهن فرصة التحدث حينما أعاد البرهان محلية بأكملها لعصر العبودية مرة أخرى، بعد أن استدعتها ذاكرته المعطوبة من مجاهل التاريخ.