11 أكتوبر 2024
في 9 أكتوبر 2024، أصدرت وزارة الخارجية السودانية بياناً صحفياً تعبر فيه عن رفضها لقرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بشأن تمديد مهمة بعثة تقصي الحقائق في السودان. وتضمن البيان عدة نقاط رئيسية، من بينها الادعاء بأن القرار يتعارض مع سيادة السودان ويتحامل على القوات المسلحة السودانية، مع التركيز على “أولوية” إنهاء التمرد وإخلاء مساكن المواطنين. وفي هذا البيان، نقدم تفنيداً تحليلياً لهذه الادعاءات بناءً على القوانين والمواثيق الدولية.
أولاً: تفنيد الادعاءات حول السيادة واستقلال الدول
يشير البيان إلى أن قرار مجلس حقوق الإنسان يتعارض مع مبدأ احترام سيادة الدول واستقلالها. إلا أن هذا الادعاء يفتقر إلى أساس قانوني، حيث أن ميثاق الأمم المتحدة ذاته يقر في مادته الأولى (الفقرة 3) بأن الحفاظ على حقوق الإنسان يُعد من الأهداف الرئيسية للأمم المتحدة، وأن التدخل في حالات الانتهاكات الجسيمة لا يتعارض مع سيادة الدولة، بل يُعتبر التزاماً دولياً لحماية حقوق الإنسان.
كما أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بإنشاء مجلس حقوق الإنسان جاء استناداً إلى الحاجة إلى توفير آليات لمراقبة حقوق الإنسان، وخاصة في حالات النزاعات المسلحة التي تشهد انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي. وفي هذا السياق، تعتبر بعثة تقصي الحقائق أداة شرعية للتحقيق في الانتهاكات الجارية في السودان.
ثانياً: الادعاء بتحامل القرار على القوات المسلحة السودانية
يجادل بيان وزارة الخارجية بأن قرار مجلس حقوق الإنسان يحتوي على “تحامل بالغ” ضد القوات المسلحة السودانية. ومع ذلك، من الواضح أن بعثة تقصي الحقائق تعمل بناءً على معايير دولية ومحايدة، وتهدف إلى التحقيق في جميع الانتهاكات التي ترتكبها كافة الأطراف المشاركة في النزاع. إن توثيق الانتهاكات التي تُرتكب من قِبَل القوات المسلحة السودانية لا يُعتبر تحاملاً، بل جزءًا من دور بعثة تقصي الحقائق في ضمان العدالة والمساءلة.
ثالثاً: الادعاء بإنهاء التمرد وإخلاء مساكن المدنيين
فيما يتعلق بالادعاء حول “إنهاء التمرد” و”إخلاء مساكن المواطنين”، فهذا الادعاء مردود ولا يتماشى مع الواقع. إن النزاع الحالي في السودان هو حرب بين طرفين كانا في السابق جسمين قانونيين بموجب قانون إنشاء قوات الدعم السريع، مما يعني أن الصراع بينهما ليس تمرداً بل نزاعاً بين أطراف نظامية معترف بها قانونياً. علاوة على ذلك، فإن الادعاء بأن القوات المسلحة السودانية تعمل على إخلاء مساكن المدنيين يتناقض مع التقارير الدولية التي توثق تورط القوات الحكومية في انتهاكات جسيمة ضد المدنيين.
كما يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن وزارة الخارجية السودانية نفسها مطعون في نزاهتها، حيث أن العديد من قيادتها ينتمون إلى تنظيم سياسي يسعى لإعادة السلطة إلى الحركة الإسلامية التي حكمت السودان سابقاً. وهذا يشكل تضارباً في المصالح ويشكك في مصداقية هذه التصريحات.
رابعاً: قانونية عمل مجلس حقوق الإنسان
يعتمد بيان وزارة الخارجية السودانية على مفهوم مغلوط حول صلاحيات مجلس حقوق الإنسان. فقد أنشئ المجلس بناءً على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، ويعمل وفق المبادئ العالمية لحقوق الإنسان، وقراراته تأتي في إطار قانوني دولي يحظى بتأييد أغلبية الدول الأعضاء. صحيح أن التصويت على القرار أظهر انقسامًا، ولكن هذا لا يلغي شرعية القرار أو أهمية عمل بعثة تقصي الحقائق في توثيق الجرائم ومحاسبة المتورطين.
خامساً: التزامات السودان بالقانون الدولي
تؤكد وزارة الخارجية أن السودان ملتزم بالقانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان. إلا أن الواقع الميداني يشير إلى استمرار الانتهاكات من قبل القوات المسلحة السودانية، بما في ذلك الهجمات على المدنيين والمستشفيات. وفي ظل غياب مساءلة فعلية لهذه الانتهاكات، فإن الالتزام بالقانون الدولي يصبح مجرد تصريح سياسي لا يغير من الوضع على الأرض.
تدعو المنظمة الأفريقية الأوروبية للعمل الإنساني والتنمية حكومة السودان إلى الالتزام بالتعاون مع بعثة تقصي الحقائق، وعدم عرقلة جهودها في توثيق الجرائم المرتكبة. إن حماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة هي الأسس الضرورية لتحقيق سلام دائم في السودان. كما ندعو المجتمع الدولي إلى دعم عمل بعثة تقصي الحقائق وتقديم المساعدة لضمان تحقيق العدالة والمساءلة في السودان.
للتواصل:
المنظمة الافريقية الاوروبية للعمل الٳنساني والتنمية
البريد الٳكتروني: Email: [email protected]
وتساب: +33766119460