بقلم عمار صديق اسماعيل
تجري الأحداث السياسية والعسكرية في السودان بشكل متسارع ومعقد، حيث تتصاعد التوترات بين قوات الجيش المليشيات المتحالفة معه وقوات الدعم السريع. في الآونة الأخيرة، تم تسجيل اشتباكات ضارية في العاصمة الخرطوم فجر اليوم الخميس 26 سبتمبر ، حيث حاولت قوات الجيش يساندها المستنفرين والكتائب الجهادية دخول العاصمة الخرطوم من عدة محاور، أهمها (جسر الحديد) و(جسر النيل الأبيض). إلا أن قوات الدعم السريع تمكنت من صد هذه الهجمات بشكل ساحق، مما أسفر عن خسائر فادحة في صفوف الجيش السوداني والمستنفرين في العتاد والافراد ويجري حصر الخسائر حتى هذه اللحظة
بدأت الأحداث عندما قامت قوات الجيش بمحاولة يائسة للتوغل داخل العاصمة الخرطوم عبر كسر دفاعات قوات الدعم السريع المنتشرة في جميع مداخل الولاية . وقد كان الهجوم منسقًا وتزامن ذلك مع نشر كثيف للاخبار المضللة والكاذبة التي تم الترويج لها عبر المنصات الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي. حيث حاولت الوحدات العسكرية الضغط من عدة نقاط دخول، لكن جسر الحديد وجسر النيل الأبيض كانا من أبرز المحاور التي شهدت اشتباكات عنيفةمع أنّ التحضيرات الكبيرة التي قامت بها القوات المسلحة، إلا أن قوات الدعم السريع قد أثبتت قدرتها العالية على التنقل واستغلال المعرفة الجغرافية للمنطقة،والمعلومات الاستخباراتية مما أتاح لها السيطرة على الوضع بشكل سريع.أسفرت المعارك عن خسائر كبيرة في صفوف القوات المسلحة السودانية، حيث سقط عدد كبير من القتلى والجرحى نتيجة للاشتباكات. وقد تراوحت التقديرات بين مصادر عدة حول عدد القتلى، إلا أن المشاهدات من أرض المعركة أشارت إلى أن الجنود واجهوا مقاومة أشد مما توقعت قياداتهم. وقد ساهمت التكتيكات الحربية المتقدمة التي استخدمتها قوات الدعم السريع في تعزيز موقفها، حيث نفذت عمليات مباغتة واضحة وتكتيكًا يساعدها على تدمير آليات العدو قبل بلوغها الهدف.بالإضافة إلى الخسائر البشرية، فإن هذه المعركة تركت آثاراً عميقة على الوضع العسكري والعملياتي للجيش كما انها قد تضرب الخلافات وتشتد بين القادة العسكريين وقادة التنظيم في تحمل مسؤولية ما جرى. في ظل وجود خلافات قديمة بين هذه الاطراف بما فيها قيادات الحركات المسلحة المتحالفة مع الجيش.
من ناحية أخرى قد يتزايد الشعور بالقوة والثقة داخل قوات الدعم السريع، مما قد يترتب عليه تغيير المعادلة في المواجهات الحالية داخل العاصمة الخرطوم وخارجها في المحاور الأخرى خصوصاً الفاشر. وعلى الجانب الآخر، فإن القوات المسلحة باتت بحاجة إلى إعادة تقييم استراتيجياتها العسكرية وتعزيز قدراتها، خاصة بعد هذه الهزيمة الكبيرة. تظهر هذه المعركة مدى تعقيد الوضع العسكري في البلاد والذي لا يبدو بان هناك فرصة لوقف القتال في ظل اصرار قادة الجيش في المضي قدماً في هذه المعارك التي يدفع ثمنها الابرياء من النساء والأطفال من ضحايا القصف الجوي العشوائي والذي ازدادت وتيرته بشكل كبير خلال الأيام الماضية في عدد من المناطق والقرى النائية والبعيدةفي النهاية، يمكن القول إن الاشتباكات الأخيرة بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية قد أثرت بشكل كبير على المشهد العسكري في السودان. تمكنت قوات الدعم السريع من إحراز انتصارات واضحة في هذه المعركة، ما أدّى إلى تفاقم التوترات بين الطرفين. وبغض النظر عن الخسائر التي تكبدها الجيش السوداني، فإن النسق العام للأحداث يشير إلى ضرورة البحث عن حلول سياسية للأزمة، بدل المواجهات العسكرية المستمرة التي تؤدي إلى المزيد من الانهيار في البلاد.
عمار صديق اسماعيل