فاطمة لقاوة
بعيداً عن ردات فِعل وزارة الخارجية المصرية الصِبيانية الرَعناء التي توضح حقيقة تورط الحكومة المصرية المفضوح ومشاركتها المكشوفة في حرب السودان وقِتالها جنباً لجنب مع مرتزقة برهان دعماً لعصابة الكيزان الهاربة في بورتسوان.
القارئ الجيد لخطاب “الفريق الأول محمد حمدان دقلو/قائد قوات الدعم السريع،وإسطورة النضال الثوري السوداني” يجد نفسه أمام لوحة واضحة المعالم تبين الحقائق التاريخية لتفاصل الحِقبة الزمنية التي سبقت تنحي البشير ولحظات الغَدر بالثوار أمام القيادة العامة ،وما دار من مؤامرات خلف أبواب الغُرف المُغلقة،وكيفية التمهيد والتخطيط لتخريب السودان وصناعة الموت من أجل إضعاف الدولة السودانية ومحاولة فرض واقع جديد يخدم مصالح الدول التي تتلاعب بمستقبل الشعوب في الشرق الأوسط عامة والسودانيين الغلابة بصفة خاصة.
الحقيقة الثابتة التي لا تتخطأها العين :أن التغيير في السودان لا يمكن أن نقرأ تفاصيل عثراته ومحاولة وأد الثورة، بعيداً عن الأيادي العابثة في الشأن السوداني منذ أمد بعيد والتي أخرجت تمثيلية الإستقلال المزعومة وكتبت تفاصيل قِصتها الناقصة ذات الشِعار المُعيب الخاطئ الذي ينادي بالتحرير لا التعمير ،وساهم في تمهيد الطريق أمام سِرقة مِصر لموارد السودان الخام وتدمير إقتصاد الدولة السودانية وجعلها حديقة خلفية لرمي النفايات المصرية،وجعل السياسي السوداني بواب يحرس المداخل للمصريين المحترفين في نهب خيرات البلاد .
مُعظم الحِكومات الوطنية المتعاقبة ساهمت مِصر في تمهيد الطريق لمن إعتلوا المناصب فيها، والثورات الشعبية التي صُنع رموزها وتم التخلص منهم وفق الخُطط المُرسومة من بعض القوى الخارجية التي تجيد حياكة الأحداث ونسج خيوط اللعبة السياسية في السودان وتفاصيل الصراعات الدائرة فيه،لم تكن مِصرا بعيدة عن صناعة أحداث تِلك الثورات ومن ثم إجهاض دور الحكومات المنتخبة وتسهيل مهمة إنقضاض العسكريين عليها.
ظلت مِصر متمسكة بصناعة القادة العسكريين السودانيين وتدَّجِينهم عبر الأكاديميات العسكرية المصرية وربط الكُلية الحربية السودانية بالولاء المُطلق للنظام الحاكم في مصر.
السياسة المصرية الإستعمارية في السودان ظلت مستمدة من إتفاقية《 كامب ديفيد》الشهيرة التي عفى عليها الدهر وجرت تحت جِسرها المُنهد تفاصيل كثيرة صعب على القادة المصريين فهم واقع الحال في السودان اليوم،والذي يشير إلى وعي القيادات الشبابية بتفاصيل اللعبة المصرية القذرة في السودان والجنرال حميدتي واحد من الشباب السودانيين وله مؤيدين يصعب كسر شوكتهم وقد تطول حرب مصر ضدهم وهم قادرون على حسم الصراع لصالح تأسيس دولة سودانية مُعافية بعيدا عن التبعية العمياء تحترم من يحترم سيادتها وتصنع علاقاتها بتكافوء وفق المصالح.
الفريق أول محمد حمدان دقلو في خطابه التاريخي بالأمس الذي ألقاه بسجية البدوي الصادق المُتقززاً من وسخ ونتانة القاع السياسي الشائك، كشف للشعب السوداني الكثير من الحقائق التي ظلت غائبة عنهم كشعوب مغدور بها على مر التاريخ ،وأثبت دقلو أمام العالم -الذي أصبح شبه قرية بفضل الإنفتاح التكنلوجي – حقيقة المؤامرات التي صنعتها النُخب السياسية والعسكرية وأضاعت بها حقوق الشعب السوداني في العيش الكريم.
حميدتي في إستهلال خِطابه بالأمس ترحم على أرواح الشُهداء من قواته الذين إرتبط بهم روحياً فكانت صِلات الإرتباط واضحة على محياه وهو يقدم التحية لأبطال جبل موية المستبسلين أمام آلة الموت المصرية عبر الطيران الغادر ولم يكن أول الغدر، فقد غدرت مصر وطيرانها بالمفوجين العُزل في كرري وغيرهم من جنود الدعم السريع الذين إستهدف الطيران المصري مقارهم في ساعات الحرب الأولى التي رسم البرهان وعصابة الكيزان ورؤوس شيطانهم خُطط التخلص من الدعم السريع خلال سويعات ثم إمتدت لإسبوع واليوم شارفت الحرب أن تكمل عامها الثاني وما زالت عصابة بورتسودان هاربة متخفية تستجلب طيران مصر ليحصد ارواح الشعب السوداني ويدمر البنية التحتية للدولة دون وازع وضمير.
أكد دقلو صمود قوات الدعم السريع ولن تكسرهم محاولة فرحة عصابة الكيزان الهاربة في بورتسودان بوجود مرتزقة البرهان في جبل موية بمساندة سلاح الجو المصري لهم،فإن فقدت قوات الدعم السريع السيطرة على جبل موية مؤقتاً فإن رسولنا الحبيب صلوات الله عليه وسلم قد فقد أيضا السيطرة على جبل《 أُحد》 ،ولكنه إستطاع بعد ذلك بسط سيطرته على عاصمة شبه الجزيرة العربية (مكة)ودخلها فاتحاً،فلن نستبعد أن تتقدم قوات الدعم السريع لاحقاً وفق الخُطة “ب”التي أعلن عنها قائد قوات الدعم السريع وتبسط أكمال السيطرة على ما تبقى من ال ٣٠%من المساحات التي تحاصرها بعد سيطرتها على ٧٠% شملت عدد كبير من الفِرق العسكرية وولايات كاملة ،وأجزاء من ولايات أخرى دون أن يتراقص قادة الدعم السريع كما يفعل رؤوس شيطان عصابة الكيزان فرحاً بإنتصارات مُزيفه جعلتهم مضحكة أمام كاميرات العالم .
تحدث حميدتي بكل شفافية عن الترتيبات التي قامت بها لجنة البشير الأمنية وكيف تم التضحية بالبشير وتسلسل المؤامرات التي سعت إلى وضع الثعلب المكار البرهان على رأس كابينة القيادة وإختيار معاونين بعناية ليكونوا رأس الشيطان الأعظم (كباشي والعطا وجابر) والعقل المُدبر للكيزان ،وكيف بدأت المحاولة الأولى الهادفة لكسر شوكة الثوار ودق الأسفين بين الثوار وحُماة الثورة،فكانت جريمة فض الإعتصام التي رسم خُطتها البرهان بعد عودته من مصر.
بذات الشجاعة الآدبية التي عرفناها عنه! إعترف حميدتي بالأمس عن خطأ عدم إعلان حكومة ثورة من الميدان قبل فض الإعتصام وقبوله بالمشاركة في المجلس السيادي مع المجرم البرهان،بل إسترسل في شرح جزءا من تفاصيل فض الاعتصام ومؤامرات الكيزان المُتتالية من أجل إجهاض الثورة ،وكيفيه خداعهم له في كذبتهم بخصوص توسيع المشاركة التي تمخض عنها انقلاب ٢٥إكتوبر.
تحدث حميدتي عن التفاصيل التي سبقت ترتيبات الإطاري ودعم المجتمع الدولي لها عبر الرباعية ومجهودات فولكر والأمريكان والسعوديين والأوربيين ،وتنبيهات القائد دقلو للجميع بمخاطر الإطاري ،وخداع اللجنة الأمنية لهم وخنوعها وموافقتها بالإطاري ومن ثم الإلتفاف عليه وإشعالها للحرب في ١٥ أبريل ٢٠٢٣م،ولماذا المجتمع الدولي الآن يقف مكتوف الأيدي وهو يشاهد تدخل مِصر السافر في الشأن السوداني ومساعدتها في عودة الإسلاميين للمشهد السوداني،لذلك سألهم القائد حميدتي بشجاعة البدو:لماذا دعمتم الإطاري يا مجتمع دولي وخليتوا البلد دخلت في حرب طالما أنتم الآن مباركين تدخل مصر في الحرب لصالح الإسلاميين؟!.
أسئلة حميدتي الإستنكارية هذة لم يوجهها لمجتمع الدولي فقط !فهناك القوى السياسية التي أثرت الصمت احيانا ومد الايدي لمصافحة عصابة بورتسودان من تحت التربيزة أحيانا أخرى،وقد شاهدنا تلبية بعض السياسيين لدعوة مصر وذهبوا وجلسوا امام الحكومة المصرية التي مارست عليهم دور الأُستاذية بإمتياز،وما زال هناك سياسيين مقيمين في مصر التي يقتل طيرانها شعبهم في السودان.
الجنرال حميدتي في خطابة أمس أعلن التعبئة الميدانية لجنوده من أجل الدخول في تنفيذ الخُطة {ب}التي لا يدرك كُنهها سوى ضباط وضباط صف وجنود قوات الدعم السريع وقيادتهم العُليا،وكشف حقيقة مِصر وتدخلها في شأن السودان ،ووضع المجتمع الدولي أمام موقف تاريخي وأخلاقي كبير ،وأحرج القوى السياسية التي فقدت مصداقيتها أمام الشعب السوداني الذي بات يفهم حقيقة الأحداث.
فهل المُجتمع الدولي يعيد ترتيب أوراقه وينقذ مصداقيته ويتخذ خطوات فاعلة اتجاه جرائم مِصر؟أم أن المجتمع الدولي يظل يتمسك بالقيم الانسانية في الاعلام بينما لا يبالي بها في الواقع؟! وهل القوى السياسية السودانية تعود لرشدها وتتهذ مواقف وطنية مشرفة ،أم ستظل إلعوبة بأيادي المخابرات المصرية؟!ننتظر الأيام القادمة لتكشف الحقائق اكثر.
ولنا عودة بإذن الله.
الجمعة،١١أكتوبر.
صباح محمد الحسن تكتب موازنات!!
طيف أول :على رماد الحرب سيتم فرش سجادة السلاملتستقبل الآمال قبلة صُبّت على مسافة الخسارةفقتل الأروح لاربح فيه سوى أنه...